نقلا عن موقع الدكتور صلاح سلطان

Filed under: , by: ragabhpl

يا مصر كفاك جوعا واستبدادا

في مصر خيرات جسام استأثر بها اللئام وحرم منها الكرام ، فيها من كنوز الأرض وخيرات السماء ما يكفي لإطعام العالم ( أهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) ، فيها من عطاء الله الوفير من النيل العظيم والأرض الخصبة ، والخبرة النادرة ،والحرف الماهرة ، والصناعات الثقيلة والخفيفة ، والعقارات والاستثمارات المربحة ، والبحار الرائعة والآثار النادرة ، ولكن استولي عليها بالتزوير والاحتيال من عصابة السوء الذين جمعوا بين الاستبداد السياسي والفساد المالي ما طفح به الكيل، وفاض عن الحد بما يوحب الإعلان عن العصيان المدني السلمي ، حتي تنهار عصبة السلب والنهب والمحاكمات الظالمة ، والأيادي العابثة ، لأنهم هم الذين سدوا كل الأبواب أمام الإصلاح السلمي في فجور نادر في تزوير إرادة الأمة ، وتذويب كل آمال الإصلاح الديمقراطي ، و لا ينبغي لأحد أن يلوم شعبا اشتدت عليه المسغبة ، و أصابته سنون عجاف أذابت الشحم وأكلت اللحم ونقّت العظم ، وأمرضت الجسم بالدماء الملوثة وتجارب الأدوية بعد نجاحها علي الفئران، والأطعمة الفاسدة والمسرطنة ، والمخدرات الفتاكة ، و.... وهذه توجب على كل حر أن ينتفض وأن يقول لهذا الظلم المركب : لا (ولو بالمكث في بيته ) رغم التهديد العلني الذي يسلب الإنسان حقه في التأوه إذا عضه الألم ،و الصراخ إذا أنهشه الجوع ، والصياح إذا سلب إنسانيته وحريته وكرامته ، وهنا اختصر المقال بأبيات لأمير الشعراء أحمد شوقي يشاطرنا الصراخ من وراء جدران قبره فيقول لأهل مصر :

شَبابَ النيلِ إِنَّ لَكُم لَصَوتًا" "مُلَبّى حينَ يُرفَعُ مُستَجابا
فَهُزّوا العَرشَ بِالدَعَواتِ حَتّى" "يُخَفِّفَ عَن كِنانَتِهِ العَذابا
أَمِن حَربِ البَسوسِ إِلى غَلاءٍ" "يَكادُ يُعيدُها سَبعًا صِعابا
وَهَل في القَومِ يوسُفُ يَتَّقيها" "وَيُحسِنُ حِسبَةً وَيَرى صَوابا
عِبادَكَ رَبِّ قَد جاعوا بِمِصرٍ" "أَنيلًا سُقتَ فيهِمُ أَم سَرابا
حَنانَكَ وَاهدِ لِلحُسنى تِجارًا" "بِها مَلَكوا المَرافِقَ وَالرِقابا
وَرَقِّق لِلفَقيرِ بِها قُلوبًا" "مُحَجَّرَةً وَأَكبادًا صِلابا
أَمَن أَكَلَ اليَتيمَ لَهُ عِقابٌ" "وَمَن أَكَلَ الفَقيرَ فَلا عِقابا
وَتَسمَعُ رَحمَةً في كُلِّ نادٍ" "وَلَستَ تُحِسُّ لِلبِرِّ انتِدابا
أَكُلٌّ في كِتابِ اللهِ إِلّا" "زَكاةَ المالِ لَيسَت فيهِ بابا
إِذا ما الطامِعونَ شَكَوا وَضَجّوا" "فَدَعهُمْ وَاسمَعِ الغَرثى السِغابا
فَما يَبكونُ مِن ثُكلٍ وَلَكِن" "كَما تَصِفُ المُعَدِّدَةُ المُصابا
وَلَم أَرَ مِثلَ شَوقِ الخَيرِ كَسبًا" "وَلا كَتِجارَةِ السوءِ اكتِسابا
وَلا كَأُولَئِكَ البُؤَساءِ شاءً" "إِذا جَوَّعتَها انتَشَرَت ذِئابا
وَلَولا البِرُّ لَم يُبعَث رَسولٌ" "وَلَم يَحمِل إِلى قَومٍ كِتابا

من حق الشياه ــ في عرف أمير الشعراء ــ إذا جاعت أن تكون ذئابا ، ونحن والله آدميون نريد العيش ليس في رخاء وغناء ، بل كفاية واستغناء، فافعلوا شيئا معشر الفقراء تصخ آذان الأغنياء لترد بعض حقوق البؤساء ، فلم يعد ما يبكى عليه إذا حرمنا حريتنا ورغيف خبز يخلو من الذلة والشقاء.

ا .د. صلاح سلطان

1 ارسل تعليق:

On 27 أكتوبر 2008 في 11:04 م , م/ الحسيني لزومي يقول...

شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية